لم يكن "قطوع" التمديد لمجلس النواب سنة إضافية سوى كأساً مرّة كان سيتجرّعها رئيس الجمهورية ميشال عون في بداية عهده بعد أن تضمّن خطاب القسم "التشديد" على إجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون إنتخابي جديد، وبناءً عليه شكّلت الحكومة على انها حكومة الانتخابات النيابية.
على وقع التحضير للنزول الى الشارع رفضاً للتمديد واصرار بعض القوى السياسية على عدم الدخول في الفراغ، إستعمل الرئيس عون ولأول مرّة منذ زمن طويل، صلاحيات رئيس الجمهورية الدستورية وأجّل انعقاد مجلس النواب شهراً إستناداً الى المادة 59 من الدستور. وفي هذا الاطار، يشرح امين سر الهيئة الوطنية لحماية الدستور والقانون المحامي الدكتور عادل يمين أن هذه المادة تنصّ حرفياً على أن "لرئيس الجمهورية الحقّ بتأجيل إنعقاد مجلس النواب الى أمد لا يتجاوز شهراً واحداً وليس له أن يفعل ذلك مرتين في العقد الواحد"، لافتاً الى أن "هذه المادة وجدت في الدستور منذ 23 أيار 1926 وتم إجراء بعض التعديلات عليها في 27 تشرين الاول 1927 وهي لا تزال بصيغتها الحالية حتى اليوم"، مشيراً الى أنه "بعد إنقضاء مهلة الشهر التي نص عليها الدستور يبقى حوالي الاسبوعين من مدة العقد العادي لمجلس النواب الذي ينتهي في 30 أيار 2017".
وشدد يمين على أنه "يفترض أن يقوم مجلس النواب خلال هذه المدة بوضع قانون انتخابي يتضمّن التمديد تقنياً لولاية البرلمان والتي يرغب رئيس الجمهورية أن تكون في أقصر مهلة ممكنة، ربما لأيلول المقبل على أبعد تقدير".
ووسط هذا الكلام، يبقى ما حصل بالامس وما يدور من حديث عن اتفاق مسبق لغزاً محيّرا. وهنا يعتبر الكاتب والمحلل السياسي وسيم بزي عبر "النشرة" أن "ما حصل بالامس كان مدروساً منذ مدّة ومن قبل كل الجهات"، وأن "بري إختار توقيت الجلسة الاخيرة وهو يأخذ بالاعتبار أن رئيس الجمهورية سيستعمل صلاحياته". في وقت يرى الكاتب والمحلل السياسي خليل فليحان أن "رئيس الجمهورية عطّل التمديد وأعطى فسحة لمزيد من المشاورات"، مشيراً الى أنه "بعد إستعمال الرئيس لصلاحياته خرج وزير الخارجية جبران باسيل ليوحي بأن معظم القوى السياسية شبه متفقة على مشروع قانون نتيجة المشاورات ويبقى أن ننتظر لنرى ما اذا كانت عقدة "حزب الله" قد حلّت وأخذت ملاحظاتهم بالاعتبار".
واذ ايّد بزي كلام فليحان أن "ورقة التمديد سقطت والمسألة حالياً هي حول شكل النسبية لدى كافة الافرقاء"، اوضح أن "الجميع شعر أن اللعب على حافة الهاوية بات مكلفاً وأنهم خاسرون، من هنا جاء هذا الحلّ"، مشيراً الى أن "الرئيس عون هو الذي يملك فرصة إنتاج قانون يرضي جميع الشرائح وينسجم مع العيش المشترك".
في المقابل، شرح فليحان أن "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" لوّحا بخيار الشارع لظنهما أن بري لن يرتدع"، داعياً الى إنتظار الايام المقبلة لرؤية إذا ما كان استعمال الرئيس لصلاحياته مجدياً أم لا، وهل سيؤدي هذا الامر الى التوصل الى قانون انتخابي جديد".
مهلة شهر اعتبرها البعض كافية للوصول الى اتفاق على قانون انتخاب يرضي اللبنانيين، ورأى فيها آخرون انها بمثابة "جرعة اضافية" لتأجيل المحتّم اي التمديد لمجلس النواب او العودة الى قانون الستين، لتعود الكرة مجدداً الى ملعب رئيس الجمهورية الذي بات عليه الضغط على الافرقاء من اجل انقاذ العهد من تعثر في الفترة الاولى من بدايته.